ماهية المنافسة التجارية غير المشروعة

 

 

 

د. أحمد بن بخيت بن علي الشنفري

 

في سياق الاقتصاد العماني النامي، الذي يعتمد على التجارة والاستثمار كركازين أساسيين ضمن رؤية عمان ٢٠٤٠، أصبحت المنافسة غير المشروعة تحديًا يهدد التوازن السوقي والثقة بين التجار.

تعرف المنافسة غير المشروعة بأنها أي ممارسة تجارية أو صناعية تتعارض مع المبادئ الأخلاقية والقانونية للمنافسة الشريفة، وهو ما يسبب ضررًا للمنافسين أو للمستهلكين.

في سلطنة عمان، ينظم هذا المفهوم من خلال قوانين محددة تهدف إلى حماية السوق من الاحتكار والممارسات الضارة. وفي هذا المقال، سنستعرض ماهيتها، أشكالها، الإطار القانوني، والآليات المتاحة لمكافحتها، مع الاستناد إلى التشريعات القانونية الحالية حتى عام ٢٠٢٥.

ووفقًا للقانون العماني، تعرف المنافسة غير المشروعة بأنها "كل عمل منافسة يتنافى مع أعراف الشرف في الميدان الصناعي أو التجاري"، كما نصت عليه المواد من ٤٧ إلى ٥١ من قانون التجارة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم ٥٥/١٩٩٠ (المعدل). هذا التعريف يشمل أي فعل يهدف إلى الاستفادة غير المشروعة على حساب الآخرين، مثل الخداع أو الاستغلال غير الأخلاقي. كما يرتبط المفهوم بحماية الملكية الصناعية، حيث تنص المواد من٦٠ إلى ٦٥ من قانون حماية الملكية الصناعية (المرسوم السلطاني ٦٧/٢٠٠٨) على أن أي انتهاك للعلامات التجارية أو البراءات يعد منافسةً غير مشروعةً إذا أدى إلى تضليل الجمهور أو إلحاق ضرر بالمنافسين.

في سياق أوسع، يبرز قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار الصادر(المرسوم السلطاني ٦٧/٢٠١٤، المعدل بالمرسوم ٢٢/٢٠١٨) أن المنافسة غير المشروعة تشمل الاتفاقيات الاحتكارية أو السلوكيات التي تحد من التنافس الحر، مثل التواطؤ على الأسعار أو تقسيم الأسواق. هذا التعريف يهدف إلى ضمان بيئة تجارية عادلة، حيث أشارت تقارير مركز حماية المنافسة ومنع الاحتكار (التابع لوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار) إلى انخفاض عدد الممارسات الضارة إلى ١٤ حالةً فقط خلال السنين الخمس الماضية حتى ٢٠٢٥، ما يعكس فعالية الجهود التنظيمية.

وتتنوع أشكال المنافسة غير المشروعة في السوق العماني، وتشمل على سبيل المثال لا الحصر:-

•  التقليد غير المصروح به للعلامات التجارية أو المنتجات: مثل استخدام علامة مشابهة لعلامة مسجلة، ماذا يؤدي إلى تضليل المستهلكين، كما في حالات الغش في المجوهرات أو الأثاث حيث يباع الذهب بعيار أقل أو مواد رديئةٌ كأصلية.

•  الإعلان المضلل أو التشهير: نشر إعلانات كاذبة عن منتجات المنافسين، أو الادعاء بمزايا وهمية للمنتج الخاص، ماذا يخالف أعراف الشرف التجاري.

•  انتهاك الأسرار التجارية: سرقة أو إفشاء معلومات سرية عن عملاء أو تقنيات إنتاج، خاصةً في قطاعات مثل الطاقة أو التجارة الإلكترونية.

•  الاتفاقيات الاحتكارية: التواطؤ بين الشركات لتحديد الأسعار، تقسيم الأسواق، أو منع الدخول الجديد، كما في حالات الإغراق (بيعٌ بأقل من التكلفة للإضرار بالمنافسين).

•  التمييز غير العادل: تقديم شروط تفضيلية لعملاء معينين لإقصاء المنافسين، أو الاستغلال غير المشروع للعلاقات التجارية السابقة.

هذه الأشكال ليست حصريةً، ويمنح القضاء صلاحيةً تقديريةً لتحديد ما إذا كانت ممارسةٌ معينةٌ غير مشروعةً بناءً على الضرر الناتج والنية.

ويعتمد التنظيم على ثلاثة قوانين رئيسية: أولاً، قانون التجارة رقم (٥٥/١٩٩٠): يحرم الممارسات الضارة في الفصل الثاني، ويمنح المتضرر الحق في رفع دعوى للمنع والتعويض. ٢ثانياً، قانون حماية الملكية الصناعية (٦٧/٢٠٠٨)، يحمي البراءات والعلامات، ويعد انتهاكها منافسةً غير مشروعةً، مع إمكانية مصادرة المنتجات المقلدة. ثالثاً، قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار رقم (٦٧/٢٠١٤)، يركز على مكافحة الهيمانة السوقية، ويشرف عليه مركز حماية المنافسة ومنع الاحتكار الذي يحقق في ٢٠ حالة إغراق سنويا، ويفرض رسومًا تعويضيةً.

وفيما يتعلق بالعقوبات فإنها تنقسم إلى:

•  مدنيةٌ: تعويض الضرر المادي والمعنوي، إيقاف الممارسة، ومصادرة السلع (حتى تدميرها إذا لزم الأمر).

•  جنائيةٌ: غراماتٌ تصل إلى ١٠٠,٠٠٠ مائة الف ريال عماني وسجنٌ يصل إلى ٣ سنين في حالات الغش الخطير، مع إمكانية إغلاق المنشأة لـ٦ أشهر ، المرسوم السلطاني رقم 54/2021(المادة ١١-١٢ من النظام الموحد لمكافحة الغش التجاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية).

•  في حال التكرار، تضاعف العقوبة، وينشر الحكم في الصحف للردع.

ولذلك نطرح نصائح لتجنب الوقوع في فخ المنافسة غير المشروعة:

•  سجل علامتك التجارية فورًا لدى وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار .

•  راقب السوق واستخدم أدوات الرقابة الإلكترونية.

•  تجنب الاتفاقيات السرية مع المنافسين، واستشر محاميًا تجاريا.

•  شارك في برامج التوعية لتعزيز الثقافة التنافسية الشريفة.

- إذا تعرضت لمثل هذه الممارسات، لا تتردد في الإبلاغ لتعزيز السوق النزيه.

وأخيرًا.. المنافسة غير المشروعة ليست مجرد مخالفة قانونية، بل تهديدٌ لاستقرار الاقتصاد المحلي الذي يسعى للاندماج العالمي. من خلال التشريعات الصارمة والجهود الرقابية، حتى تضمن سلطنة عمان بيئةً تجاريةً عادلةً تحمي الابتكار والنمو.

تعليق عبر الفيس بوك

الأكثر قراءة